الخميس، 3 أبريل 2014

الزهرة الخطيرة

هي من أرق وأجمل الزهور...و (أذن الفأر ) هو اسمها الاغريقي وقد ترجمت كذلك وحرفيا ً إلى العربية وبعضا اللغات الأخرى...لكن اسمها الاكثر شيوعا هو : ( لا تنساني ) الذي اطلقه الفرنسيون عليها ثم اخذه الانجليز... وهي زهرة برية عشبية لا يتجاوز ارتفاعها القدم...تنمو في شبه الظل أو المناطق شبه المشمسة... لذلك تكثر أهم أنواعها في الغابات... صغيرة جدا ً حيث لا يتجاوز حجمها مساحة ظـُفر السبابة.. خماسية البتلات..تشبه بتلتها أذن الفأر تماما ... ولهذا سماها الإغريق أذن الفأر...اوراقها ازرق سماوي أو وردي أو ابيض وليس لها ألوان أخرى ...مركزها أصفر تتنتشرمنه 5 خطوط بيضاء نجمية الشكل...وتتجمع على شكل عناقيد صغيرة ، كل عنقود يحوي 5 او 6 زهرات....هذه الزهرة تنتشر بشكل واسع جداً...وصورها موجودة في كل بيت على وجه الارض بما فيها بيوتكم دون أن تلاحظوها....واستخداماتها لاتحصى...تعلق الناس بها وأحبوها منذ الازل ... نسجت حولها عشرات الاساطير.. وتستخدم رمزا ً للعديد من الأحداث .. وترتبط بها أقدم الاساطير عن الزهور....دعونا نتعرف أولا ً على اهم الاساطير عن هذه الزهرة الرائعة ... هذه الزهرة دخلت الدين والسياسة والصناعة والتاريخ وعلم الاساطير والحب والادب...لذلك اكتسبت اهمية فائقة ... ....دعونا نتعرف أولا ً على اهم الاساطير عن هذه الزهرة الرائعة .

سأحدثكم عن أهم ثلاثة أساطير عن هذه الزهرة وسبب تسميتها ...والغريب أن جميع الاساطير المشهورة حول هذه الزهرة هي ألمانية...ولم أعثر على اسطورة غير ألمانية مع أن الزهرة تحظى باهتمام واسع في كل مكان... لاحظوا أن الاسطورتين الاولى والثانية يعودان لتأريخ لاحق لظهور اليهودية وعصر النبي موسى ( الالف الثاني قبل الميلاد )...لانهما تعتمدان على قصة الخلق كما جاءت في سفر التكوين ... عموما وللسهولة سوف لا نتعمق في بعض الامور...تقول الاسطورة الاولى : حين خلق الله النباتات والاعشاب والاشجار والزهور ، وبدأ يعطيها اسمائها...سمع صوتا ناعما ً رقيقا ً يصرخ به : ( لا تنساني )...فالتفت الى مصدر الصوت وكان من هذه الزهرة....فقال : ( ليكن هذا هو اسمك ).. ومن يومها صار اسمها : ( لا تنساني )... يقول سفر التكوين أن خلق الاشجار والنباتات والاعشاب والثمر كان في اليوم الثالث من الايام الستة للخلق : ( الامر الرابع)..أما الاسطورة الثانية وهي المانية ايضا فتقول.. حين طـُر ِدَ آدم من الجنة .. سأل الله أن يسمح له بأن يأخذ منها الى الارض ، بعض الاشياء التي أحبها وتـَعـَوَّدها لكي لا يشعر بالوحشة فوافقه الله على ذلك...فبدأ آدم يجمع منها ما يريد...وبعد أن أكمل كل شيء وأوشك على المغادرة ، وفي لحظة اجتيازه باب الجنة...سمع صوتا ناعما ً رقيقا ًلا يكاد يُعرف مصدره...يأتي من مكان منزو ً خلف شجرة قريبة من باب الجنة وهو يصرخ خلفه : (لا تنساني لاتنساني )...فالتفت اليها فوجد هذه الزهرة الصغيرة ..فكانت آخر شيء صحبه من الجنة... ومن يومها صار اسمها لا تنساني...نلاحظ في هاتين الاسطورتين أنهما أرجعتا أهمية هذه الزهرة ومعناها إلى ما قبل آدم...وفي هذا من المعنى الجميل ما فيه... إذ تعود الزهرة بمعناها الذي سنتعرف عليه لاحقا ً الى ما قبل خلق آدم....فالزهرة خلقت في اليوم الثالث من الايام الستة للخلق....بينما آدم خـُلـِق َ في اليوم السادس...أما الاسطورة الثانية فتعود بمعنى الزهرة ورمزها إلى مغادرة آدم الجنة.... أي قبل نزوله إلى الارض...وفي كلتا القصتين يكون معناها وما ترمز اليه شيئا ً اساسيا ً سبق الانسان على الارض....وتجاوزه يـُخـِلُّ بمباديء السماء..وسنرى لاحقا ماهو هذا الرمز....أما الاسطورة الثالثة فهي حديثة نسبيا ( من القرون الوسطى ) ...وهي المانية ايضا وتقول : ان فارساً من القرون الوسطى كان يسير على حافة النهر مع حبيبته...وكان يحمل في يده باقة من زهور اذن الفأر وهو على وشك أن يقدمها هدية لحبيبته.... لكن قدمه زلـَّتْ ووقع في النهر...ولانه كان مدرعاً... ولثقل درعه لم يستطع أن يطفو...فرمى الباقة على الجرف وهو ينادي حبيبته : ( لا تنساني )...فصار اسمها منذ ذلك اليوم : ( لا تنساني ) ...يجب الانتباه أن العبارة تظل كما هي سواء كان المخاطب انثى أو ذكر...ولا تتغير حسب الجنس ( تنساني - تنسيني )...لذلك وضعتها كما هي في اللغة الانجليزية التي ترجمت عنها القصة ، كي لا يحصل تضارب بين صرخته ( لا تنسيني ) واسم الزهرة ( لا تنساني ) .
نبدأ أولا ً برمزها في لغة الزهور ومعناها في القاموس الفكتوري ولغة الهاناكوتوبا .... هذه الزهرة تعني شيئا ً واحدا ً فقط هو : الاخلاص والوفاء والحب اللا نهائي كما هو واضح من معنى عدم النسيان . ... لذلك تهدى هذه الزهرة عند توديع حبيب او صديق في سفر...فلا يجوز اهداء اي زهرة الا هذه في التوديع....وهي الزهرة المثالية التي توضع على القبور وتستخدم في حفلات التأبين وتوضع على الجنائز...وكم يؤلمني السخف وقلة الذوق الذي اراه في استخدام زهور عجيبة في معانيها في هذه المناسبات ، خصوصا حين ارى الرؤساء العرب يضعون باقات الزهور على ضريح الجندي المجهول في الاحتفالات الرسمية .
كان العشاق يحملون هذه الزهرة ويتهادونها دليل الاخلاص وعدم النسيان ...وقد استلهمت في اواخرالسبعينات لصناعة قرص فضي دوار بين طرفي حدوة حصان يظهر كلمة لا تنساني عندما يدور بسرعة....وقد اشتريناه حين كنا في طلاباً الجامعة... كتب الكثير في الادب العالمي عن هذه الزهرة ولولا الاطالة لاخترت لكم قصيدة جميلة لوليام وردزورث في هذه الزهرة . حظ هذه الزهرة في السينما سيء جدا ً...حيث كانت هي الزهرة التي يهديها عشيق الليدي تشارلي لها وتهديها اليه في الفلم الذي حمل عنوان ( عشيق الليدي تشارلي ) عن قصة دافيد هربرت لورنس المشهور ب ( اج ال لورنس ) والتي تحمل نفس الاسم والذي كان بمنتهى السوء من جميع النواحي ...وتظهر واضحة في مشهد الكوخ لمن شاهد الفلم...انتجت هذه القصة للسينما عدة مرات...وكل نسخة اسخف من التي قبلها...ولا تتغير الا الاسماء وحميمية المشاهد ...كما انتج فلم سخيف جدا في العام 2009 اسمه ( لا تنساني ) وهو فلم رعب...ولا ادري اي غبي ذلك الذي اقترح اسم هذه الزهرة لفلم رعب...وباختصار هي غير محظوظة ابدا في السينما ...يمكن استخدام هذه الزهرة منفردة بمنتهى الجمال والذوق الرفيع في جميع المواقف التي تقتضي استخدام معناها....واياك ان تستخدمها او تهديها منفردة او مع زهور اخرى لا تنسجم معها في المعنى في حالات لا تنسجم مع معناها ، مثل النجاح او المرض او الولادة او قدوم شخص من السفر او الاعتذار او الشكر على موقف او معروف او في مناسبة عامة كالاعياد ... هذه الزهرة هي الزهرة المثالية و الكلاسيكية في باقة زهور الزفاف التي تحملها العروس بيديها....وافضل باقة هي المصنوعة من هذه الزهرة منفردة باستخدام عدة عناقيد منها او الباقة المكونة منها ومن الروز الابيض تحديدا... ( امنياتي لجميع الصديقات العازبات بالحب اولا والزواج السعيد ثانيا)... مع ملاحظة مهمة : اذا لم تكن العروس او منسق الباقة متمكن جدا من معرفته بالزهور فليعتمد هاتين الزهرتين فقط ..ومن دون شطحات...خصوصا في المجتمعات التي يوجد فيها من ينتبه لهذه الامور... وفي حالة اختيار هذه الزهرة منفردة او مع الروز الابيض فليس اجمل ، ولا أ َتـَمّ ْ ، مـِنْ اْ َنْ يضع العريس في عروة الجاكيت عنقود او ثلاثة عناقيد من نفس الزهرة ..ويجب ان تكون بيضاء لان البدلة سوداء كما هو معروف ، على أن لا يزيد ....ويمكن وضع وردة بيضاء غير متفتحة ، صغيرة جدا ومعها عنقودان من زهرة لا تنساني على الجانبين
... القاعدة في تنسيق الزهور هي أن تعرف القواعد العامة وتمتلك ذوقا وخيالا خصبا لتبدع .
دعونا نرى أهمية هذه الزهرة وسعة انتشارها واستخدامها في الحالات الاخرى ... هي رمز ولاية الأسكا الامريكية (توجد زهرة معينة تعتبر رمز لكل ولاية من الولايات الامريكية..ولاتنساني ، هي رمز الاسكا).... ...وألوان علم الاسكا مشتقة منها ...حيث تنتشر فيه نجوم صفراء على ارضية زرقاء سماوية... وهذه الولاية تعتبر الاغنى والاكبر من ال50 ولاية الامريكية....اشترتها امريكا من روسيا بأغبى صفقة في التاريخ السياسي والاقتصادي الحديث ....وكان سعرها 4.7 دولارا للكيلومتر المربع الواحد...حيث بلغ كامل السعر 7.2 مليون دولار...وأصبحت الولاية 49 في اميركا...(الناتج القومي للاسكا 49.9 مليار دولار ) علما بانها تحوي ثروة نفطية هائلة لم تستثمر بعد .
المقاطعة العاشرة من مقاطعات كندا ( نيوفاوندلاند ) تعتبر هذه الزهرة رمزا لضحايا الحروب ويحملونها للتعبير عن احترام تضحيياتهم وعدم نسيانهم ..في السنين الاخيرة اعتمدت بعض المناطق من المقاطعة زهرة نبات الخشخاش ، غير ان بعض المناطق ظلت تعتمد زهرة لا تنساني.... وعلى ذكر نيوفاوندلاند ، تشتهر هذه الجزيرة بنوع رائع من الكلاب التي يستخدمها الصيادون...وهذه الكلاب تعتبر مع اربعة اصناف اخرى كلابا مثالية لاصطحاب الاطفال...واللعب معهم دون خوف عليهم منها...فاختيار الكلب الذي يصاحب الاطفال يخضع لشروط خاصة يجهلها الناس....وغالبا ما يختارون الكلب الصغير ..وهذا خطأ كبير ..لان الكلاب التي تلعب مع الاطفال يجب أن تكون كبيرة الحجم وقوية ولا تتأثر إذا ما الطفل سحب أذنها أو آلمها...وإلا ستؤذيه بدورها... في حين لا تحتمل الكلاب الصغيرة هذا الاذى وقد تؤذي الطفل وتخاشنه .
هذه الزهرة هي الزهرة الاكثر استخداما وجمالا وتعبيرا عند تنسيق باقة لوضعها على قبر شهيد وخصوصا الجندي المجهول...مع اني لم الاحظ دولة عربية واحدة استخدمتها لهذا الغرض ..حيث كانت تحمل بين الحربين العالميتين كل 1 تموز في ذكرى قتلى ومفقودي وضحايا الحرب العالمية الاولى .
احبها واهتم بها الملك هنري الرابع حين كان منفيا ً في القرن الرابع عشر...وحين عاد اصبحت زهرته المفضلة التي لا غنى عنها في جميع مناسباته .
اعتمدت من قبل الكثير من المنظمات والجمعيات الالمانية للتذكير بضحايا الحرب العالمية الاولى والثانية...كما اعتمدت للتنبيه بمعاناة الفقراء والمحرومين واليائسين .
هي الزهرة الاكثر الاجمل والاكثر اختيارا على الاطلاق في رسمها على الاواني الخزفية ، وثياب الاطفال ، والسيراميك المستخدم لتغليف جدران الحمامات ، والمرسومة على الشراشف ووجوه الوسائد ، والستائروورق التغليف الملون وغيرها من الاستخدامات المنزلية....ولهذا قلت لكم لا يوجد بيت في العالم يخلو منها بشكل او اخر .
الدكتور حكيم العبادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق